سفو قوال سليمان

هذه دعوة للحوار والنقاش 

الإيزيديون إلى أين ؟ القسم الثاني

حوار مع المثقفين الكورد

ملف خاص ب"بحزاني نت"

الإيزيديون هم ضحايا قضية قديمة جديدة، كانت ولا تزال. هم ضحايا قضيتهم مرتين مرةً في كونهم إيزيديون مختلفون دينيا ، وأخرى في كونهم "أكراد أصلاء" من كردستان. هم كانوا ولا يزالون ضحايا هذا الإنتماء المزدوج منذ أن خلق الله عباده "شعوباً وقبائل". 

الإيزيديون كما يشهد على ذلك تاريخهم الثقيل والمثخن بالجراح ، ذاقوا من الفرمانات وحملات القتل والتنكيل الأمرين، وتعرضوا خلالها لأشد وأعنف أنواع القتل والإضطهاد. 

وبقراءة التاريخ البعيد للإيزيدية سيلحظ الباحث المتفحص أنّ جل الفرمانات التي تعرض لها الإيزيديون، كانت فرمانات "دينية بحتة" قام بها أهل الدين الحاكم، لإبادة الإيزيديين بمجرد كونهم مختلفين. ثلاثة مليون ايزيدي تم القضاء عليهم بطرق مأساوية ليتبقى منهم بعض النتف المختبئة في الكهوف والجبال قدرت بحدود خمسة عشر الف عند دخول القواة البريطانية الى العراق , فالتاريخ يقول أنّ الامير محمد الراوندوزي ارتكب عمليات الإبادة الجماعية بحق الايزيديين، حيث قام بقتل اكثر مئة الف انسان منهم، ففي هجمة واحدة على أبواب الموصل، قتل حوالي اربعين الف ايزيدي بين امرأة وطفل ومسن. وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: ترى اليس من الشجاعة والنبل الاعتذار بإسم الكرد عن تلك المذابح الجماعية التي ارتكبها الكردي بحق أخيه الكردي؟

أليس من الأولى بالقيادة الكردية العمل على محو اثار هذه الجرائم المرتكبة بحق الإنسان الكردي على يد أخيه الكردي، وذلك بإعطاء الإيزيدي حقوقه التي طالما حرّم منها، وتحقيق العدالة والمساواة بين كافة شرائح المجتمع الكردستاني، على كافة الأصعدة والمجالات؟ 

مع سقوط نظام صدام حسين في 9 نيسان 2003 دخلت القضية الإيزيدية منعطفاً جديداً، كحال كل العراقيين. حيث بشر الإيزيديون خيراً بسقوط نظام الطاغية الذي عاث في أرضهم فساداً، وعرّبهم ودمّر قراهم فضلاً عن مجمل ممكنات حياتهم. 

هم بشروا خيراً بالعراق الجديد الذي اعتقدوا أنهم سيخلصهم من حرمانهم من حقوقهم كإيزيديين لهم خصوصيتهم ووجودهم الخاص بهم. كما بشروا بكردستانهم خيراً التي فيها رأوا كل أحلامهم وغدهم القادم وهم "أكرادها الأصلاء". 

الآن مضى على هذا العراق الجديد 6 سنوات وكردستان الجديدة 18 سنة فماذا كانت النتيجة وماذا حصد الإيزيديون منهما من محاصيل؟ 

من يقرأ في واقع الإيزيديين سيلحظ أن الإيزيدي لم يضع حقوقه كعراقي في بغداد أو كردي في هولير فحسب، وإنما فقد الكثير من حياته وأمنه واستقراره وحاضره ومستقبله أيضاً. 

هو في بغداد متهم بأنه كردي، وفي هولير بأنه إيزيدي يعبد الشيطان. 

هو هناك في بغداد مهمّش، وهنا في هولير "كردي أصيل" بالحكي ومقصي ومبعد عن كل مراكز القرار ويتسول على أبواب الأحزاب لقاء كرسي احتياط في البرلمان أو وزير معطل في الحكومة. 

نتيجة للسياسات الكردية الخاطئة تجاه القضية الإيزيدية، بدأت الأصوات الإيزيدية تتعالى في السنوات الأخيرة تندد بقادة الأحزاب الكردية الحاكمة وتشكو من سوء إدارتها لقضاياهم وتهميشهم لحقوقهم. الشارع الإيزيدي على كرديته (كأكراد أصلاد كما يقول قادة الأحزاب الكردية) بات يكره كرديته التي تطارده هناك في بغداد وتهمشه هنا في هولير. 

وهنا يتسائل الايزيدي: هل الفكر القومي الكوردي قد تحول إلى نسخة مشوهة من الفكر القومي العربي الاستعلائي الذي طالما عانينا منه، عبر الغائه الطرف الآخر وكانت نتيجته الويلات التي حصلت في كوردستان؟

ترى لماذا يجري التعامل الآن مع الايزيديين على انهم كورد فقط، كمواطنين من الدرجة الأخيرة، ويجري تعميم ثقافة فوقية لاتعترف بخصوصية الايزيديين؟ 

هذا الغليان في الشارع الإيزيدي الذي يزداد يوماً بعد يوماً حوّله من شارع كردي مطيع إلى شارع كردي متمرد، ما أدى إلى ظهور أصوات إيزيدية كثيرة، مستقلة وحزبية تطالب برفع هذا الغبن عن الإيزيديين وإعطاءهم حقوقهم أسوةً بسواهم من العراقيين في بغداد والأكراد في هولير. 

عندما يتخلى السياسيون الكورد عن " كوردهم الاصلاء " ويتنكرون لهم تتجه أعين الايزيديين الى المثقفين الكورد لاعادة تصحيح المعادلة السياسية بالعمل على بناء كوردستان شامخة تحترم كل اطيافها الدينية والقومية وتقر بكامل حقوقهم . 

في ظل هذه التطورات والتحولات التي تحصل في الشارع الإيزيدي، يطرح السؤال الجوهري التالي نفسه: ترى إلى أين يتجه الإيزيديون ؟ 

لماذا إرتأى الإيزيديون العمل بمعزل عن أحزابهم الكردية التي طالما أطاعوها؟ 

لماذا يهجر الأيزيديون كردستانهم التي طالما حلموا بها وطناً آمناً وسعيدا للبحث عن اوطان جديدة ؟ 

هل ان اقرار نظام الكوتة للمسيحيين وحجبه عن الايزيديين يحقق تمثيل عادل للاقليات الدينية الكردستانية ؟ 

لماذا تعامل اربيل الأيزيديين من الناحية النظرية ككورد اصلاء ومن الناحية العملية ككورد الهامش؟ 

لماذا هذا التعاطي السياسي الكردي الغير عادل مع الإيزيديين، في حين أنهم ادوا كل واجباتهم تجاه كردستان , وصوتوا لها ودعموا تجربتها؟

لماذ تعاملهم هوليرهم هكذا بالمزيد من الاجحاف والتغييب، لا بل وتفتقر مناطقهم الى ابسط الخدمات ومعابدهم شبه مهدمة، يندى لها كل جبين كردي؟ 

يعيش الأيزيديون في مناطق التماس العربي الكوردي بين مطرقتي الارهاب التكفيري والتغييب القسري في كوردستان فاين يكمن دور المثقف الكوردي(غير الإيزيدي حصراً) من هذه المشكلة الإيزيدية والكردية بدون أدنى شك؟

اين يقف المثقف الكوردي من حقوق اقليات كوردستان الدينية ، وماسبب سكوته عن حقوق الإيزيديين وهويتهم وأصالتهم التي كانت عنوانا للعنفوان الكوردي ؟

قام المثقفين العراقيين في تكوين التجمع العربي لنصرة الكورد فلماذا لايتحرك المثقفين الكورد في تشكيل هيئة او تجمع للدفاع عن الايزيدين ؟

اين تقف كوردستان من قضية المواطنة وكوردها الايزيديين الذين يشعرون وكانهم مواطنين من الدرجة الأخيرة ؟ 

ما هو مستقبل الإيزيديين السياسي في العراق بعامة وفي كردستان بخاصة ؟

ملف للحوار تطرحه بحزاني نت على الكتاب والمثقفين الكورد والمعنيين بالهم الكردستاني للمساهمة في اغناء الحوار , وفي سبيل خلق حراك كوردستاني وتفعيل دور المثقفين الكوردستانيين في اعادة بناء العلاقات بين جميع اطياف كوردستان .

الدعوة موجهة لكل المعنيين للمشاركة في الحوار واغنائه بافكارهم وارائهم , وسنستقبل وجهات نظرهم على العنوان التالي 
bahzani@gmail.com 
وسينشر الحوار على شكل حلقات تباعاً

سفو قوال سليمان
رئيس تحرير بحزاني نت